أثار مقتل تلميذ طعنًا بسلاح أبيض أمام ثانوية مولاي علي الشريف في طنجة يوم الأربعاء تساؤلات ملحة حول واقع الأمن المدرسي في المغرب، لا سيما مع تكرار حوادث العنف في محيط المؤسسات التعليمية.
وسلطت الحادثة التي أسفرت عن وفاة تلميذ إثر مشاجرة مع زميل له، الضوء على قصور الإجراءات الأمنية والافتقار إلى سياسات فعالة لضمان سلامة المتمدرسين.
ويعد هذا الحادث الأخير حلقة في سلسلة من حوادث العنف المدرسي التي شهدها المغرب، ما يثير القلق بين أولياء الأمور والجهات المعنية.
وعلى الرغم من بعض الإجراءات الأمنية المتخذة، إلا أن العديد من المدارس ما زالت تفتقر إلى الحماية اللازمة ضد الاعتداءات التي قد تحدث داخلها أو بالقرب منها.
وفي هذا السياق، يرى ياسين الريش، رئيس المعهد المتوسطي الديمقراطي للتنمية والتكوين، أن “الواقع الأمني في المؤسسات التعليمية العمومية يدعو إلى القلق، حيث نرى غياب سياسات واضحة للحفاظ على الأمن داخل المدارس وأمام أبوابها”.
ويشير الريش في تصريحات لجريدة طنجة 24 الإلكترونية إلى أن “أبواب المدارس أصبحت عرضة للمشاحنات والعنف، ما ينعكس بشكل سلبي على بيئة التعليم ويؤثر على التلاميذ والأساتذة على حد سواء”.
وفي هذا الإطار، يؤكد المتحدث، أن مسؤولية توفير الأمن داخل وخارج المؤسسات التعليمية لا تقتصر على المؤسسة الأمنية فقط، بل تتوزع بين عدة أطراف.
وأوضح: “المؤسسة الأمنية تلعب دورًا حيويًا في حماية محيط المدارس، كما هو الحال في مؤسسات البعثات الأجنبية التي تعتمد على وجود عناصر أمنية ثابتة في محيطها.”، مبرزا أن هذا التواجد يبعث شعورًا بالأمان ويحد من أعمال العنف”.
ولكن، كما أشار، “الأمن المدرسي لا يقع فقط على عاتق الشرطة، بل يجب أن تتحمل إدارات المدارس مسؤولية تعزيز الحراسة الداخلية وتنظيم الدخول والخروج، بالإضافة إلى تثبيت أنظمة مراقبة حديثة”.
وأشار الريش إلى أهمية تدخل الوزارة الوصية على التعليم، التي يجب أن تسهم في تعزيز الأمن المدرسي عبر تخصيص ميزانيات لتوظيف حراس أمن مؤهلين وتطوير البنية التحتية الخاصة بالأمن. مضيفا أن “الجماعات المحلية والمجتمع المدني يجب أن يتعاونوا أيضًا مع مسؤولي قطاع التعليم والسلطات الأمنية من أجل خلق بيئة آمنة داخل المؤسسات التعليمية”.
ويعتقد الريش أن الجمعيات المحلية يمكن أن تلعب دورًا حيويًا في تعزيز الأمن داخل المدارس، من خلال عدة مبادرات تتراوح بين حملات توعية وتنظيم دوريات أمنية.
وقال: “يمكن للجمعيات تنظيم ورشات عمل وحملات توعية تستهدف التلاميذ وأولياء الأمور حول أهمية السلوك المسؤول واحترام القواعد المدرسية، مما يساهم في الحد من العنف”. كما يمكن للجمعيات المساهمة في دعم تكاليف الحراسة وتزويد المدارس بأنظمة مراقبة حديثة بالتعاون مع إدارات المدارس والسلطات المحلية.
ويضيف الريش أن بعض الجمعيات قد تشارك في مراقبة محيط المدارس خلال أوقات الذروة، مثل أوقات الدخول والخروج، لتوفير نوع من الأمان والردع ضد أي سلوك مشبوه. “هذا التعاون بين الجمعيات المحلية وإدارات المدارس يساهم في تعزيز الأمان في محيط المؤسسات التعليمية بشكل كبير”، يقول الريش.
ورغم الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الجمعيات المحلية، إلا أن هناك تحديات كبيرة تعيق هذا الدور.
ووفقًا لذات الفاعل الجمعوي، فإن “غياب قنوات تواصل واضحة بين الجمعيات وإدارات المدارس أو السلطات المحلية يعطل العديد من المبادرات”.
كما أن “الكثير من الجمعيات تفتقر إلى التمويل الكافي لتنفيذ برامج أمنية أو توفير حراس أمن مؤهلين”. يضيف ياسين الريش.
وتابع قائلاً: “كما أن الحصول على التراخيص أو الموافقات لتنظيم الأنشطة ذات الطابع المرتبط بالجانب الأمني داخل المدارس قد يمثل عائقًا إضافيًا، وفي بعض الحالات، يتداخل دور الجمعيات مع دور السلطات المحلية أو إدارات المدارس، ما قد يؤدي إلى تعطيل التعاون أو تضارب الأدوار”.
وأضاف أيضًا أن بعض المؤسسات التعليمية قد لا تدرك تمامًا أهمية مساهمة الجمعيات في تعزيز الأمن، ما يساهم في ضعف التعاون.
ومع تزايد حوادث العنف في المؤسسات التعليمية، يبقى الأمل في أن يؤدي هذا الحادث المأساوي إلى تغييرات ملموسة في السياسات الأمنية والتعليمية لضمان سلامة التلاميذ وتحقيق بيئة تعليمية آمنة ومستدامة.