في كل مرة يُطرح فيها سؤال حول مصير تصاميم التهيئة بمدينة طنجة، يبدو وكأن الإجابة تستعصي على كل الجهات المعنية.
ووضعت سنوات من التأخر والتعثر هذه التصاميم في دائرة انتظار قد تبدو بلا نهاية، وكأن المدينة نفسها باتت تنتظر قدوم “المهدي المنتظر” لإنقاذها من هذا الجمود.
ورغم مكانة طنجة كمركز اقتصادي وسياحي بارز، فإن غياب تصاميم التهيئة النهائية يُلقي بظلاله على قدرتها في تحقيق خططها الطموحة.
ومنذ سنوات، كانت المدينة على موعد مع العديد من المشاريع الكبرى التي تهدف إلى تحسين بنيتها التحتية وتنمية قطاعاتها الحيوية، مثل الإسكان، والنقل، والسياحة.
لكن التأخير المستمر في الحسم بتصاميم التهيئة أبقى هذه المشاريع في حالة توقف مستمر. ومع كل تأخير، تزداد التحديات وتتعقد الأمور أكثر، مما يجعل السؤال المطروح اليوم هو: هل سيتحقق الحسم قريبًا أم أن طنجة ستظل في حالة انتظار؟
وتتجلى إحدى أبرز امثلة هذا التأخر في مقاطعة “طنجة المدينة”، حيث أُحيلت تصاميم التهيئة على المجلس الجماعي في انتظار إطلاق عملية البحث العلني.
ورغم اهمية هذا الاجراء، إلا أنه لا يحجب التداعيات السلبية لهذا التأثر والتعثر المستمرين على مشاريع استراتيجية كانت تُمثل أمل المدينة في تطوير بنيتها التحتية.
وتتجلى أكثر التداعيات فداحة،في عرقلة الاستثمار، سواء الوطني أو الأجنبي، الذي يتطلب بيئة قانونية وتنظيمية مستقرة لتشجيع الدخول في شراكات جديدة أو إقامة مشروعات كبيرة.
وينعكس هذا التراخي في إصدار التصاميم حالة من التشوش وعرقل القدرة على استغلال الفرص الاقتصادية الكثيرة التي توفرها المدينة.
ومع اقتراب موعد كأس العالم 2030، حيث من المتوقع أن تكون طنجة جزءًا من المدن المستضيفة لهذا الحدث الرياضي العالمي، يصبح التأخير في تصاميم التهيئة مصدر قلق بالغ. المدينة، التي كانت تطمح لاستقبال الحدث بأبهى حلة، تجد نفسها اليوم في وضع صعب، فالكثير من المشاريع التي كانت مبرمجة في إطار تحضيرات البطولة مثل تطوير الملاعب والمرافق السياحية، وإنشاء مراكز رياضية ضخمة، لا تزال في مراحلها الأولية أو حتى غير مُنفذة بسبب هذه العوائق التنظيمية.
وبالتالي، فإن غياب الحسم في التصاميم النهائية يُهدد بفرص كبيرة قد تفتقدها طنجة على الصعيدين الرياضي والاقتصادي.
ومن مظاهر التداعيات السلبية لغياب تصاميم التهيئة، استمرار تناسل الأحياء العشوائية والاختلالات العمرانية رغم محاولات السلطات تطويق هذه الظاهرة.
ولا يقتصر هذا الوضع لا يقتصر فقط على التأثير في بنية المدينة المادية، بل يمتد ليشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية. فمع استمرار الجمود، يشعر الكثير من سكان طنجة بالإحباط بسبب غياب أفق واضح، حيث لا يزالون يواجهون العديد من التحديات الحضرية التي تؤثر على حياتهم اليومية.
وفي ظل هذا الواقع، يبدأ الكثيرون في التشكيك في جدوى الوعود المتكررة من السلطات المعنية، خاصة وأن التصاميم ما زالت على الورق فقط، دون أن يكون هناك تنفيذ ملموس على الأرض.
وإذا كان سكان المدينة قد اعتادوا على هذا الانتظار الطويل، فإن الاستمرار في هذه الحالة يعمق المشكلة، ويزيد من صعوبة حلها. فبينما تتطلع طنجة إلى المستقبل، يظل غياب التصاميم النهائية عاملًا معوقًا رئيسيًا يمنع المدينة من التقدم نحو استراتيجيات تنموية حقيقية.
وفي خضم هذا المشهد، يبدو أن طنجة تواجه تحديًا مزدوجًا. الأول هو استكمال وتنفيذ مشاريع حيوية كانت في بدايتها، والثاني هو الحاجة الملحة إلى معالجة التحديات التي تخلقها هذه المشاريع العالقة، مثل العشوائية في البناء والمشاكل في التنقل. وكأن المدينة في حالة انتظار مستمر لما يشبه “المهدي المنتظر” ليخرجها من هذا الوضع المتأزم.
لكن هذا الانتظار قد لا يكون متاحًا إلى الأبد. فمع تزايد الضغط الاجتماعي والاقتصادي، ومع الأهمية الكبرى للأحداث العالمية مثل كأس العالم 2030، يجب أن تجد طنجة نفسها قريبًا في مفترق طرق: إما أن تنتهي من حسم تصاميم التهيئة بشكل نهائي وتبدأ في تنفيذ المشاريع الضخمة التي طال انتظارها، وإما أن تستمر في الدوران في حلقة مفرغة تهدد بمزيد من التأخير والتعثر.