يواجه سكان عدد من الأحياء بمدينة طنجة وضعا مقلقا نتيجة الانتشار الكثيف للبعوض، في وقت لا تزال فيه المصالح الجماعية، وعلى رأسها مكتب حفظ الصحة، غائبة عن أي تدخل ميداني فعّال، رغم أن معالجة بؤر توالد الحشرات تُعد من صميم اختصاصاتها القانونية.
من بني مكادة إلى مسنانة، ومن مغوغة إلى العوامة، تتوحد شكاوى المواطنين حول الضرر المتزايد الذي تسببه هذه الحشرات، خصوصا خلال فترات الليل، حيث يجد السكان أنفسهم مرغمين على غلق النوافذ تفاديا لهجمات البعوض، في غياب أي تدخل وقائي ملموس من طرف الجهات المختصة.
ويؤكد عدد من المتضررين أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة لهذه الوضعية، مشيرين إلى تسجيل حالات التهاب جلدي وظهور أعراض تحسسية، في ظل غياب تام لأي مواكبة صحية أو استباق بيئي، يضمن الحد الأدنى من الاستجابة لحالة تُنذر بمخاطر أكبر مع اقتراب فصل الصيف.
وتُحمّل فعاليات مدنية ومهتمون بالشأن المحلي المسؤولية للمجلس الجماعي لطنجة، الذي لم يعلن عن أي برنامج موسمي واضح لمكافحة نواقل الأمراض، رغم توفره على جهاز تنظيمي متخصص متمثل في “مكتب حفظ الصحة”، المفترض أن يباشر بشكل دوري حملات رش وتطهير للأحياء، بناءً على المعطيات المتوفرة لديه.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن المجلس لم يُفعّل لحد الساعة أي بروتوكول خاص بالتدخل الاستباقي، كما لا توجد مؤشرات على تعبئة الموارد اللوجستية والبشرية اللازمة لمواجهة الظاهرة، ما يطرح علامات استفهام حول جاهزية المؤسسة الجماعية في التعاطي مع قضايا بيئية مرتبطة مباشرة بصحة المواطن.
وتشير معطيات ميدانية إلى وجود عدد من البؤر السوداء المعروفة بتكاثر الحشرات، تشمل بركا مائية راكدة، وقنوات صرف صحي مفتوحة، ومناطق مهددة بيئيا داخل النسيج الحضري، خصوصا على أطراف المدينة، دون أن يتم تطويقها أو إخضاعها لأي معالجة وقائية خلال الأشهر الماضية.
ويتساءل متابعون عن مصير الاعتمادات المرصودة سنوياً لمحاربة الحشرات، والكيفية التي تُصرف بها، في غياب بيانات دورية أو تقارير تفصيلية من طرف الجهة المعنية، خصوصاً أن الظاهرة تتكرر سنوياً، وكان بالإمكان التعامل معها بفعالية لو توفرت الإرادة التنظيمية الحقيقية.
من جهة أخرى، يُحذر فاعلون من أن استمرار هذا الوضع دون تدخل، قد يُفاقم من الوضع الصحي في الأحياء المتضررة، ويخلق بيئة خصبة لانتقال أمراض جلدية أو فيروسية، لا سيما في الأوساط التي تعرف كثافة سكانية كبيرة، وضعفا في شروط النظافة العامة وتدبير النفايات.
في مقابل ذلك، لم تصدر عن المجلس الجماعي لحدود الساعة أية توضيحات، ولا جرى الإعلان عن خطة عمل مستعجلة، ما يُعمّق من الإحساس العام بالتجاهل، ويدفع بالكثيرين إلى اعتبار أن الصمت الرسمي إزاء هذه المعاناة اليومية يمثل انعكاسا لغياب رؤية واضحة لدى صانع القرار المحلي.
وبينما تواصل الحشرات اجتياح فضاءات السكن اليومي، يكتفي السكان بتبادل الوصفات التقليدية والنصائح الوقائية على مواقع التواصل الاجتماعي، في انتظار أن تتدارك المؤسسات المعنية تأخرها، وتباشر مهامها كما تقتضي مسؤولياتها تجاه الصحة العامة وسلامة المواطنين.