بقلم : محمد سدحي
اليوم مع شعيب.. ليس في محنته، ولكن في مقهاه المفضل، مقهى الوطن ومواطن وما استوطن..
دخل شعيب يلوي على قلق وارتياب.. عيناه حمراوان من شدة الفرك.. انتحى زاوية قصية وطلب شاياً معشوشباً وخبز شعير محمص ومغمس في زيت الزيتون.. أكل وشرب ودخن وتجشأ وحمد الله واستغفر ربه.. مدّ يده إلى الجريدة .. قرأ في كبد الصفحة الأولى: “مع الشعب”..
شعيب مع الشعب، ونحن مع شعيب، والله معنا، والبوليس مع الجميع.. وشعبنا ولله الحمد (كله بوليس)، غير الله يرزق العافية، والسلام.
قال شعيّب مستمحناً:
– سبحان الله في طبع خلقه! برجوازي، فاسي، رجعي، استقلالي… ومع ذلك (مع الشعب)..
إنه القالب المغربي، يا سيد بنقالب. كيف نكون مع الشعب ونحن فوقه في آن واحد؟ وهذه هي وعورة الأشياء يا المعلم علي.
شعيب شوري.. شعيب اتحادي.. شعيب يساري جذري.. شعيب ماركسي لينيني.. محال! إنه شعيب والسلام.
عاد شعيب إلى الجريدة وقرأ من جديد:
الماليك توفاه الله.. الملك اعتلى العرش.. اليوسفي يبايع الملك.. وشعيب يبايع الملك..
صفحة جديدة.. عناوين جديدة.. عهد جديد.. ملك جديد.. حكم جديد.. وشعيب هو شعيب.. والبالي لا تفرط فيه.
ويستمر طي الصفحات، وشعيب لا يزال يقرأ:
ماريكان فابور للعدالة والتنمية.. الخطيب واحد المخازني ما منوش.. اليوسفي ضاربها بغبرة.. الساسي في التليفزيون، يا حليلي.. عباس يعلن الحرب على بوزبع.. زملاء عكاشة في عكاشة.. (الله يرحم الجميع ميتين وحيين).. المغريب ديالنا في قزيبة قطار التنمية.. جامعة ألعاب القوى جمعت وطوت وعملت النية في الحية.. حسن بودراع يقتل خمسة طنجيين في “الصحيفة”.. نيني أطال لحيته وخرج لشي دراري شمروا على سوءاتهم وخرجوا لها (نيشان).. المعطلون يحرقون المراحل ويحرقون أنفسهم.. جطو يأكل الدجاج في التلفزة ولا يصاب بأنفلونزا الطيور، بل طيّر الوزارة الأولى من يد الحزبين العتيدين.. الدرهم أصبح اتحادياً، وباب الحزب أصبح مفتوحاً 24 على 24 مثله مثل باب الأحد.. شعيب جاءه إنذار بقطع الماء والنور.. شعيب لم يبرح المقهى.. شعيب يطوي الجريدة ويدخل جواه.
خرج شعيب في العشرين من فبراير.. ولم يعد.
– نلتقي!