بقلم: رشدي رشاد*
يشكل مشروع قانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، الذي صادق عليه مجلس النواب مؤخرا، خطوة مهمة في مجال العدالة الجنائية بالمغرب.
اذ يهدف هذا القانون إلى الحد من اكتظاظ المؤسسات السجينة، وترشيد التكاليف، وإعادة تأهيل المحكوم عليهم بعقوبة تشكل في نظر القانون الجنائي جنحة ( ضبطية، تأديبية).
ورغم أهمية هذا المشروع، إلا أنه يتضمن بعض الثغرات، من بينها استثناء بعض الجرائم من تطبيق العقوبات البديلة، ونخص بالذكر هنا جريمة تبديد الأموال العمومية
فالمادة 5 من مشروع قانون رقم 43.22 تنص على استثناء بعض الجرائم من تطبيق العقوبات البديلة، ونخص بالذكر هنا جرائم الاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ وتبديد الأموال العمومية.
ولعل سبب استثناء هذه الجرائم راجع في اعتقادنا الى خطورتها، حيث تلحق أضرارا جسيمة بالمصالح العامة. كما أن هذه الجرائم تتسم بطبيعتها الإجرامية، حيث يصعب تأهيل المؤاخذين من اجلها.
ولكن، بالرغم من ذلك، يمكن القول إن استثناء جريمة تبديد الأموال العمومية من تطبيق العقوبات البديلة يعد إخفاقا من طرف المشرع المغربي.
وذلك لأن عقوبة السجن لا تعد عقوبة رادعة لجريمة تبديد الأموال العمومية. حيث أن السجين في هذه الحالة سيظل يتمتع بكافة حقوقه المدنية والسياسية، ولن يكون عليه سوى تحمل عقوبة الحبس لمدة معينة.
أما عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، فهي عقوبة بديلة أكثر فاعلية في ردع هذه الجريمة. حيث أنها تجبر الجاني على القيام بأعمال مفيدة للمجتمع، مما يشعره بتأنيب الضمير، ويجعله أكثر وعيا بخطورة تصرفه.
علاوة على ذلك، فإن عقوبة السجن قد تساهم في زيادة معدلات العود إلى الإجرام في حالة جريمة تبديد الأموال العمومية. حيث أن المحكوم عليه سيختلط بالسجناء ذوي السوابق العدلية، مما قد يؤثر عليه سلبا، ويجعله أكثر عرضة لارتكاب جرائم أخرى.
في ضوء ما سبق، يمكن القول إن استثناء جريمة تبديد الأموال العمومية من تطبيق العقوبات البديلة يعد إخفاقا من طرف المشرع المغربي. حيث أن عقوبة السجن لا تعد عقوبة رادعة لهذه الجريمة، بل قد تساهم في زيادة معدلات العود إلى الإجرام.
ولذلك، نرى أن المشرع المغربي يجب أن يعيد النظر في هذا الاستثناء، وأن يسمح بتطبيق العقوبات البديلة على مرتكبي جريمة تبديد الأموال العمومية. وذلك من أجل تحقيق الردع الفعال لهذه الجريمة، ومنع العود إلى الإجرام.
في إطار سعي المشرع المغربي إلى تطوير السياسة الجنائية بالمغرب، وتعزيز حقوق الإنسان، يرى الباحث أن من الضروري اتخاذ الإجراءات التالية:
* إلغاء استثناء جريمة تبديد الأموال العمومية من تطبيق العقوبات البديلة.
* تطوير منظومة العقوبات البديلة، بحيث تكون أكثر فاعلية في تحقيق أهدافها.
* توفير الإمكانيات اللازمة لتنفيذ العقوبات البديلة، من خلال توفير المؤسسات والوسائل اللازمة.
*باحث متخصص في العلوم الجنائية والنظم العقابية الحديثة بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش