يقولون عنا نحن الطنجيون أننا لا نعمل ولا نحب العمل، ونحب المال بلاملل، ونعشق الكسل والنوم في العسل!
يقولون عنا بشر لا كالبشر، ننام طوال النهار، ونسهر حتر الفجر. عيوننا على البحر، آذاننا على الخبر، ومؤخراتنا فوق الحجر!.
يقولون عنا أنانيون، لهجتنا ليست كاللهجات، عملتنا غير العملات، تجارتنا سجائر ومخدرات وأغذيتنا وألبستنا من المهربات!.
يقولون عن لهجتنا مخنثة، ومحط السخرية في الراديو والتلفزة، ولهجة الساط والساطا هي الأصح والأحق بالتداول والممارسة!.
يقولون عنا كسالى و “معكازين”، وهي قاعدة ترسخت في أذهان كل من أتى المدينة مستثمرا، حتى إذا دق بابه طالبو الشغل اختار الغريب على ابن المدينة، فكانت الطامة الكبرى!.
يقولون عنا عاطلون، وفي النوم لا غارقون، وللمخدرات مدمنون!.
يقولون عن بناتنا ساذجات، يحسبن أنفسهن جميلات، ووحدهن المتحضرات، وغيرهن دون المستوايات!.
لم نفهم بعد نخن الطنجيون أن المفرنسين من المغاربة هم أولوا الحق بالحق، والاستمتاع بخيرات البلد من عمل وسكن ووظيفة، وأن عهد عزتنا قد ولّى مع النظام الدولي، وأن وجودنا في هذه المدينة لم يكن إلا كما قال المجاديب من “جبالة” لكي نصونها لأصحابها الذين سيأتون فيما بعد، وها هم قد أتوا واستلموا مالهم وما ليس لهم.
كل هذا كان يقال عنا نحن الطنجيون في السر والعلن، حتى أتى علينا يوم قرأناه إعلانا منشورا “شركة سياحية تبحث عن موظفين…..مقيمين بطنجة، على أن لا يكونوا من أبنائها…”. إنها قمة العنصرية، وتأكيد على خطة الإقصاء الممنهجة في حق أبناء المدينة الذين أبانوا دوما وأبدا أنهم عكس ما يقال عنهم.
خطة الإقصاء هذه لم تستهدف العمال من أبناء المدينة فقط، بل حتى مقاولاتها المحلية، والتي لم تجد لها مكانا على مائدة برنامج “طنجة الكبرى” الدسمة، ولم تستفد شيئا مما عرفته من تطور عمراني خلال العقدين الأخيرين. فمقاولات البناء من خارجها، والعمال أيضا، والآجور، والرخام، بل وحتى التجهيزات الداخلية للمباني. كل شيء يُأتى به من خارج طنجة، حتى أن بعض مصانع هذه المواد أقفلت بسبب الكساد، في زمن يعرف فيه قطاع البناء رواجا غير مسبوق !.
آلاف المناصب التي وفرتها مشاريع طنجة أمام خريجي المدارس العليا المتخصصين في التسيير و التدبير واللوجيستيك…، والكثير من أبناء هذه المدينة حاصلون على مثل هكذا شواهد التي لم تنفعهم إلا لتزيين حائط غرف نومهم، وغيرهم يزينون مكاتب الشركات الكبرى التي استقرت بالمدينة، حيث تحدثت بعض الإحصائيات عن نسبة 10 بالمائة فقط من الطنجيين العاملين بتلك الشركات، مقابل 90 بالمائة من غيرهم والذين يشغلون مناصب وظيفية كأطر وإداريين.
وقد وُجهت أصابع الاتهام من قبل إلى المديرية الجهوية للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات في أحد الاجتماعات رسمية لمجلس العمالة، ولو أنها كانت متأخرة ولم تنفع في شيء.
وبالرغم من نفي المديرة السابقة للوكالة كل ما قيل بشأن إقصاء أبناء المدينة من فرص الشغل وتغييب تكافؤ الفرص، إلا أن الأرقام لا تخجل من فضح المستور.
كيف لا وجل الشركات تتعامل مع وكالات الاتصال والتواصل من العاصمة الاقتصادية، حتى أن البلاغات الصحافية والدعوات التي توجه لرجال الإعلام لأي نشاط تحتضنه المدينة تُبعث من هناك، وكذلك الأمر بالنسبة للمرافقين والمرشدين الذين يصحبونهم، وكأن طنجة مدينة أشباح.
ولا داعي للتذكير بحفل افتتاح ملعب طنجة الكبير، والذي استُقدم فيه كل شيء من خارج المدينة، حتى الكورال الذي تلا النشيد الوطني، وكأن “طنجاوا”ليسوا مغاربة. ورغم ذلك يتهمون بالعنصرية !.
حراس مواقف السيارات بشوارع المدينة، سائقو الطاكسيات والحافلات، المتسولون، بائعي المناشف في الطرق، المشردون… أغلبهم من خارج طنجة ومُرحب بهم فيها!.
لم نعد نسمع في الأسواق غير “خزو”و”الخرشوف”…واستُبدل ريال المنطقة بريال أقل منه بعشر مرات!.
فعن أي عنصرية يتحدثون، ومن يمارس العنصرية ضد من؟