على بعد نحو 12 كيلومترا شرق مدينة طنجة، يكشف الطريق الساحلي رقم 16 الممتد بمحاذاة البحر الأبيض المتوسط عن خليج رملي صغير تتوسطه مياه شفافة وتحيط به تلال صخرية منخفضة.
هناك يقع شاطئ “الأميرلات”، الاسم الرسمي لمكان يعرفه كثيرون باسم “بلايا بلانكا”، وقد أصبح خلال السنوات الأخيرة من أبرز الوجهات الصيفية للشباب من كلا الجنسين.
لم يعد هذا الشاطئ، الذي كان يوما ما معزولا عن الحركة، مكانا هادئا أو عائليا بالمعنى التقليدي. بل تحول إلى فضاء نابض بالصخب والموسيقى المحمولة، وأجواء استجمامية حرة، دفعت عددا من العائلات إلى تفاديه لأسباب تعتبرها “أخلاقية”، بحسب تعبير بعض الزوار.
ورغم غياب التهيئة السياحية، يستقبل الشاطئ مئات المصطافين يوميا، خاصة في عطلات نهاية الأسبوع.
وقد تدخلت السلطات المحلية مؤخرا لتحرير الفضاء الرملي من سيطرة “لوبي الباراصولات”، بعد شكاوى متكررة من الزوار بشأن المضايقات وفرض إتاوات غير قانونية.
ويقول سعيد، موظف في قطاع النقل، وهو يجلس تحت مظلة محاطة بحقائب الطعام ومكبر صوت صغير: “بلايا بلانكا تغيرت كثيرا… لم يعد هادئا كما كان، لكنه ما زال يحتفظ بنقاوته ومائه الذهبي، وهذا ما يجعلنا نعود إليه كل صيف”.
لا توجد بنية للإيواء أو خدمات فندقية رسمية، ويعتمد السياح في الغالب على عرض غير مهيكل للكراء الموسمي اليومي، من خلال منازل أو شقق يؤجر أغلبها دون عقود.
بيئيا، لا يزال الشاطئ محافظا على جاذبيته الطبيعية، رغم تصنيفه ضمن النقاط التي تستدعي المتابعة من حيث جودة المياه.
وتقول نادية، أستاذة تعليم ابتدائي: “نحب أن نأتي في الصباح الباكر قبل أن يكثر الناس… الطبيعة هنا ما زالت جميلة رغم كل شيء”.
يشبه بعض العارفين بجغرافية السواحل الشاطئ في امتداده الطبيعي وتضاريسه الناعمة بشاطئ “بونتا دي بالوما” الواقع بمدينة طريفة الإسبانية المقابلة، حيث تنساب الرمال على شكل لسان بحري تحيط به التلال وتغمره الرياح الموسمية، وإن اختلفت ظروف التهيئة والإمكانيات.
وعلى التلة المطلة على البحر، يوجد مقهى، فيما تنتشر على الرمال عربات صغيرة لباعة متجولين يعرضون الذرة المشوية والماء البارد والمثلجات، في غياب شبه تام لأي عرض ترفيهي منظم أو تجهيزات جماعية.
ومع اقتراب المغيب، يهدأ إيقاع الحركة، وتبدأ السيارات في مغادرة الموقف، بينما يبقى آخرون على الشاطئ حتى المساء. في “شاطئ الأميرلات”، تتعايش العفوية والصخب، في مشهد يختزل صيف طنجة كما أصبح يعاش اليوم.