لم يكن اختفاء هشام جيراندو من كندا مجرد خطوة عشوائية، بل تحوّل إلى نقطة مفصلية في مسار رجل أثار لغطا واسعا بتسجيلاته المصورة، وارتبط اسمه بسلسلة قضايا ابتزاز رقمي وتشهير عابر للحدود.
فبينما كانت الأنظار متجهة إلى تطورات ملفه القضائي في كيبيك، سارع المعني إلى مغادرة الأراضي الكندية في ظروف غامضة، ليستقر مؤقتا، حسب مصادر متطابقة، في إحدى الجزر الإندونيسية.
وتفيد المعطيات المتوفرة أن جيراندو لم يعلن عن وجهته الجديدة، واختار التواري عن الأنظار تفاديا لأي تتبع قضائي محتمل.
وقد رُصدت مؤشرات رقمية توحي بنشاطه من عنوان IP يعود لمنطقة جنوب شرق آسيا، بالتزامن مع توقفه عن بث فيديوهاته المباشرة المعتادة، والاكتفاء بمنشورات قصيرة يُعتقد أنها تُدار عبر وسطاء.
وتتزايد الشكوك حول دوافع اختياره لإندونيسيا، وهي دولة لا تربطها بكندا اتفاقية تسليم المطلوبين، ما يعزز فرضية هروبه من أي ملاحقة قانونية محتملة على خلفية الأحكام السابقة أو التحقيقات المفتوحة ضده، سواء في كندا أو المغرب.
ويرى متابعون أن اختيار جيراندو لهذه الوجهة يعكس تحولا في استراتيجيته، بحيث يسعى إلى إعادة ترتيب نشاطه الرقمي من منطقة بعيدة عن الرقابة القضائية الصارمة، والاستفادة من ثغرات قانونية في بلدان جنوب شرق آسيا، حيث يصعب تتبع الأنشطة الإلكترونية العابرة للحدود بسهولة.
وفي ظل غياب أي بيان رسمي من السلطات الكندية حول ظروف مغادرته، تزداد التكهنات بشأن ما إذا كان هروبه قد تم بتنسيق مسبق مع جهات خارجية، خاصة وأن توقيت مغادرته ياتي بعد اسابيع على توقيف عدد من أقاربه في المغرب، على خلفية تورطهم في إدارة حسابات مشبوهة.
وتشير تحليلات رقمية إلى أن بعض الصفحات التي كانت تبث مضامين هجومية ضد المغرب، أعادت نشاطها بشكل متقطع من مناطق جغرافية مختلفة، مع استخدام أدوات إخفاء الهوية وتشفير المواقع، ما يرجح أن جيراندو لم يقطع صلته بهذه الشبكات، بل نقلها إلى فضاء جديد أكثر اتساعاً وأقل رقابة.
وفي الوقت الذي تُطرح فيه أسئلة حول مصير هذا “المنفي الرقمي”، تبرز الحاجة إلى تعاون دولي فعّال لتقنين الفضاء السيبراني، وملاحقة المتورطين في الحملات الرقمية الهدامة، خاصة أولئك الذين يختبئون وراء شعارات زائفة ويتنقلون عبر القارات للإفلات من العقاب.
ومع بقاء مكانه غير مؤكد رسمياً، يظل هشام جيراندو حالة نموذجية لـ”المعارض الافتراضي المأجور”، الذي يراوغ القضاء، ويستغل هشاشة منظومات الرقابة في بعض البلدان لإعادة إنتاج محتوى مضلل، في محاولة لابتزاز الأوطان تحت غطاء النضال.