بقلم: حمزة أعناو
في مسرح الزمن، حيثُ تتحرك الشخوص فوق خشبة الوطن، يتكرر المشهد نفسه، دون تغيير يُذكر.
هناك حيث تُرفع الستائر كل خمس سنوات، تُعاد الأدوار ذاتها، بنفس الكلمات، بنفس الحركات، بنفس التصفيقات التي لا تهتز إلا على إيقاع المصالح.
في المقدمة، تتمايل الأغلبية والمعارضة في رقصة بلا إيقاع، كأنهما صورتان لوجه واحد، يقتسمان الأضواء دون أن يلتفتا إلى جمهور أنهكه الانتظار.
لغةُ الخشب تسود، والمواقف تتبدل كما تتبدل الفصول، لكن الوعي المغربي يظل أكبر من هذا المسرح العبثي، يراقب، يقرأ بين السطور، ويبتسم بسخرية العارف.
في زوايا القاعة، تجلس النخب، بعضها قديم فقد نضارته، وبعضها جديد اكتشف أن القواعد لا تتغير. المال هنا ليس وسيلة، بل غاية، والفساد ليس استثناءً، بل جزء من قواعد اللعبة. أعيانٌ تربعوا على مقاعد لا تتغير، ومؤسسة برلمانية امتلأت بوجوه لم تأت لتسمع صوت الشعب، بل لتردد صدى صفقاته.
أما الشباب، ذلك الحالم بالتغيير، فقد وجد نفسه أمام خيارين: أن يقاوم وحده في معركة غير متكافئة، أو أن يمد يده للمصافحة، فيصبح جزءًا من اللعبة.
قيل له: “اصمت، صَفِّق، وستحصل على نصيبك”، فتأمل قليلاً، ثم مد يده. بعضهم عبر الجمعيات، حيث تصرف الأموال لشراء الذمم، وبعضهم عبر المناصب، حيث توزع الامتيازات كجوائز ترضية.
وفي الخلف، بعيداً عن الضجيج، هناك من يراقب المشهد كله. المغرب يتغير، الزمن لا يرحم، لكن المسرح لا زال كما هو. هل سيأتي يوم تُكسر فيه القواعد؟ هل سيتوقف التصفيق؟ أم أن الرقصة ستستمر، بلا نهاية، كما في كل مرة؟
الستار لا يُسدل بعد، فالمشهد لم ينتهِ..