وسط طفرة لافتة في حركة السفن السياحية منذ مطلع الموسم الصيفي، يواصل ميناء طنجة المدينة تثبيت موقعه بين الموانئ المتوسطية الصاعدة في مجال استقبال “الفنادق العائمة”، مستفيدا من دينامية متنامية منذ إعادة توجيه نشاطه نحو الرحلات البحرية العابرة.
وبحسب بيانات تم تجميعها من طرف جريدة طنجة 24 الإلكترونية من مصادر متخصصة في تتبع حركة الملاحة السياحية، فقد شهد شهرا ماي ويونيو الماضيان رسو 14 سفينة سياحية من طراز متوسط وكبير، من بينها “أوشينيا مارينا”، “سيليبريتي إيكوينوكس” و”ماين شيف 4″، حاملة ما يزيد عن 22 الف راكب.
وتشير توقعات شهر يوليوز الى وصول اربع سفن اضافية، ما يرفع عدد التوقفات خلال الفترة الممتدة من ماي الى يوليوز الى 18، ليقترب بذلك مجموع الركاب من عتبة 33 الفا، موزعين على رحلات تتراوح بين التوقفات القصيرة والمبيت الكامل.
هذا المستوى من النشاط، وان كان محدودا مقارنة بالموانئ الكبرى مثل برشلونة او مرسيليا، الا انه يضع طنجة ضمن الفئة المتوسطة الى الصاعدة، حيث تؤهلها الارقام الحالية لمقارعة موانئ من حجم “سيت” الفرنسية و”كالياري” الايطالية و”اجاكسيو” بكورسيكا.
وتتشابه هذه الموانئ مع طنجة في كونها لا تشكل نقاط انطلاق رئيسية للرحلات البحرية، بل تعمل كمحطات عبور ضمن مسارات متوسطية محددة. وتعتمد جاذبيتها على ما توفره المدن المضيفة من تنوع ثقافي وتاريخي، فضلا عن القرب الجغرافي من المحاور البحرية الاوروبية.
وفي هذا السياق، تبرز طنجة بموقعها الفريد على مضيق جبل طارق، حيث تلتقي ضفتا الاطلسي والمتوسط. هذا التموضع يمنحها افضلية استراتيجية ضمن مسارات الكروز العابر، خصوصا تلك التي تربط الموانئ الاسبانية بجزر الكناري او الساحل المغربي.
غير ان الاستفادة من هذا المعطى الجغرافي تظل مشروطة بتعزيز الطاقة الاستيعابية للميناء. فعدد الارصفة لا يزال محدودا، كما ان محطة الركاب لا تستجيب بعد للمعايير المعتمدة لدى الموانئ الاكثر نشاطا. ويقر مهنيون بان الطلب على طنجة موجود، لكن القدرات اللوجستيكية لا تواكب وتيرته المتصاعدة.
من جانبها، تسعى السلطات المغربية، من خلال المكتب الوطني المغربي للسياحة ومؤسسة “طنجة مارينا باي”، الى جذب شركات الملاحة العالمية، عبر المشاركة في معارض دولية وعقد شراكات ترويجية تستهدف ادراج طنجة ضمن المسارات الدورية للرحلات البحرية.
وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها تدريجيا، كما تعكس ذلك الزيادة المسجلة في عدد السفن والركاب خلال موسمي 2024 و2025. كما يعوّل على التوسعة المرتقبة لمرافق الميناء في رفع سقف الاستيعاب، وتمكين المدينة من مجاراة موانئ اقليمية اكبر حجما.
ورغم ان طنجة لم تدخل بعد ضمن التصنيفات العالمية لاكثر الموانئ استقبالا للركاب، الا ان دينامية المرحلة، والايقاع التصاعدي للتوقفات، يضعان المدينة على خريطة الوجهات المتوسطية المرشحة للصعود التدريجي في السنوات المقبلة.
وفي انتظار اكتمال منظومة التجهيزات والخدمات، يواصل ميناء طنجة المدينة كسب رهانات التموقع بخطى متزنة، معززا مكانته كمحطة عبور متوسطية تنفرد بهويتها الجغرافية والثقافية.