لم يكن إسقاط دفتر التحملات المنظم لاستغلال السوق الأسبوعي بمنطقة سيدي احساين مجرد نتيجة لتباين الرؤى حول تدبير مرفق عمومي، بل كان انعكاسًا لشرخ داخلي بات يهدد تماسك الأغلبية المسيرة لمجلس جماعة طنجة.
تصويت حزب التجمع الوطني للأحرار ضد المقرر إلى جانب فرق المعارضة لم يكن مجرد موقف ظرفي، بل حمل دلالات سياسية تتجاوز حدود الملف نفسه، ليعكس أزمة ثقة داخل التحالف الذي يقوده منير ليموري، رئيس المجلس عن حزب الأصالة والمعاصرة.
ما يثير بشأن هذا التصويت هو أن الانقسام لم يكن تقليديًا بين المعارضة والأغلبية، بل جاء من داخل الأخيرة، وهو ما يعكس خللًا في التنسيق بين مكوناتها.
فحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يُفترض أنه جزء من التحالف المسير، قرر الاصطفاف مع المعارضة في موقف نادر يعكس انزعاجًا متزايدًا من طريقة تدبير المجلس.
ويطرح هذا المعطى تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا الموقف، وهل يرتبط الأمر فقط بشبهات حول تدبير السوق أم أنه يعكس تصدعًا أكبر في العلاقة بين مكونات التحالف؟
المثير أن هذا التصويت يأتي في سياق توتر متصاعد داخل المجلس، حيث إن الأغلبية التي كانت تبدو متماسكة باتت تعاني من تصدعات تجعل قدرتها على تمرير مقررات جماعية أمرا غير مضمون.
وفي الوقت الذي يسعى فيه المجلس إلى الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار لضمان سير المشاريع الكبرى في المدينة، تكشف هذه الأزمة عن محدودية التفاهم بين مكوناته، وهو ما قد يضعف من فعالية التدبير الجماعي خلال ما تبقى من الولاية الانتدابية.
غير أن إسقاط هذا المقرر قد يكون نقطة تحول في طريقة اشتغال المجلس، فإما أن يدفع الأطراف المختلفة إلى إعادة ترتيب علاقاتها وفق توازنات جديدة، أو أن يؤدي إلى مزيد من الاضطراب داخل الأغلبية.
وفي ظل هذا الوضع، يصبح السؤال المطروح ليس فقط حول مصير دفتر التحملات، بل حول مستقبل الأغلبية نفسها ومدى قدرتها على الاستمرار بنفس التشكيلة الحالية.