قال باحث في العلوم السياسية، إن المؤسسة الملكية في إسبانيا، عنصر محوري في إعادة العلاقات لما كانت عليه في السابق بين مدريد والرباط، بشرط إدخال تعديلات جديدة عليها.
وأكد الدكتور مصعب التيجاني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن إسبانيا تسعى بشكل جدي وحثيث لعودة العلاقات بين مدريد والرباط، كما كانت سابقا أو أحسن، “ومن هنا نرى كيف تحرص مدريد على ان تكون علاقتنا بها أفضل مما كانت” محذرا من عودتها بالصيغة الماضية لأنها قد تنفجر في أي لحظة أو ستضعف من جديد.
وإعتبر الدكتور مصعب التيجاني أن إستخدام مصطلح “إستراتيجي” في خطاب الملك “فيليبي السادس” وباقي المسؤولين الإسبان، يعني وجود علاقة قائمة على مبدأ رابح رابح، و”هنا التساؤل حول مدى إقتناع المغرب بهذا الخطاب، يضيف ذات المتحدث.
وتسائل الدكتور التيجاني فيما إذا كان المغرب سيستفيد من هذه العلاقة الجديدة، مشيرا إلى أن الجواب “نتركه في محل شك “.
الباحث المغربي أكد أنه ورغم جميع التقلبات التي تصيب العلاقات الثنائية بين البلدين، فإن قدرا تاريخيا وجغرافيا سيظل يجمع المغرب وإسبانيا، وأن التعاون لا مفر منه وحتمي.
وأضاف في حديث له مع جريدتنا أن المغرب يرى كيف أن إسبانيا في الصيغة الماضية كانت رابحة أكثر من المغرب، إن على المستوى الأمني أو محاربة التهريب الدولي للمخدرات، كون هاتين الظاهرتين كانت دائما تستنزف لأقصى حدود الإمكانيات البشرية والقدرات المالية في هذا المجال.
وتأسيسا على ذلك أشار الدكتور مصعب التيجاني، إلى أن حديث ثلاث مسؤولين إسبان بنفس الطريقة وبصيغ متطابقة، يعني وجود توجه عام للدولة الإسبانية، مفاده توجيه رسالة واحدة وهي أن مسألة عودة العلاقات متعلقة باختيار دولة، وهي اعتراف ضمني بأن مدريد أخطأت في تقدير العلاقة مع المغرب.
ولتوضيح ذلك أشار الدكتور مصعب التيجاني، إلى أن التصريحات المتتالية للمسؤولين الإسبان، والتي تحاول تشكيل ضغط زمني على بلادنا جاءت بعد عودة الدفئ نوعا ما، للعلاقات الثنائية بين المغرب وألمانيا، وتوقع بعودة المياه لمجاريها في الأسابيع القليلة المقبلة.
أما على أرض الواقع، يضيف الدكتور التيجاني، فقد كانت للمغرب سياسة ظاهرها عدم التجاوب لكنه عمليا هو يقوم بتسريع الأعمال المرتبطة بمنطقة التبادل التجاري قرب سبتة المحتلة، وكذلك على مستوى مليلية المحتلة “نشاهد كيف يتم العمل على إنشاء بدائل للمواطنين المتأثرين بأزمة إغلاق الحدود بين الثغرين.”
وحول ردود فعل المملكة المغربية، يقول الدكتور مصعب التيجاني إن ما يصطلح عليه “تمنع الدبلوماسية” في بلدنا مبني على أمرين، “على أرض الواقع المغرب يعمل بدون توقف، وعلى مستوى آخر ينفتح على شركاء جدد، وفاعلين أقوياء إقتصاديا وسياسيا، من بينهم إسرائيل، وهو يراهن على إعادة العلاقات مع تل أبيب لخدمة قضية الوحدة الترابية.”
الباحث في العلاقات الدولية، أكد أيضا أن المغرب يقوم عمليا بتقوية الجبهة الداخلية وإقناعها بفعالية السياسة المتبعة، فضلا عن وقوف قوى إلى جانبه، يضرب لها وزن، كإسرائيل وامريكا وبريطانيا، وهنا يشترط المغرب إعادة العلاقات وفق شروط جديدة وقواعد مختلفة عن سابقاتها.
وأضاف الدكتور التيجاني أن المغرب نجح لحد ما في ملفي سبتة ومليلية، واللتين أصبحتا عبئا ثقيلا على إسبانيا، بعد أن حاصرهما المغرب بشكل ذكي، وهذا يدخل في إطار تقوية الذات ووضع قواعد جديدة.
لكن في المقابل لا يمكن، يؤكد محاورنا، غض الطرف، على أن إسبانيا تبقى متواجدة بشكل كبير في المغرب، “فهي مستثمر إقتصادي كبير، سواء في قطاع التدبير المفوض أو في المصانع والشركات العاملة في بلادنا.
وإعتبر الدكتور التيجاني أن إسبانيا ترى أن مصالحها في المغرب متضررة، في مقابل وجود أطراف لا تتوقف عن انتقاد المغرب، فضلا عن صحفيين في البلد الجار، يشوشون عبر تصريحات ومقالات، تسبب مجموعة من المتاعب على المغرب.
ورغم ذلك أكد الباحث التيجاني أن أي حديث عن رؤية واضحة في مآلات العلاقة الثنائية يبقى في حاجة إلى نقاشات مستمرة.
على صعيد آخر تساءل الدكتور عن التغذية الراجعة او رجع الصدى، حيث ” لا نجد في المقابل أي أثر في الرباط لحدود الآن، سواء تصريحات وأحاديث لثلاث مؤسسات كبرى وهي الملك الإسباني ورئيس الحكومة ووزير الخارجية في شأن العلاقات البينية، إلا أنه لم يصرح لا وزير الخارجية المغربي، أو مسؤول آخر، ولم تصدر تعليقات أو بلاغات للرأي العام أو مع النخب والفاعلين السياسيين والمجتمع المدني، مستغربا من غياب خطاب قد يفهم من خلاله التصور العام الجديد للعلاقة بين البلدين .