يفتح قرار السلطات الاسبانية بتغريم السائقين المغاربة الحاملين لرخص سياقة غير معادلة المجال امام عزلة متزايدة لمعبر سبتة المحتلة، في مقابل تعزيز موقع ميناء طنجة المتوسط كمحور استراتيجي، يضمن عبورا آمنا ومنظما للجالية المغربية في إطار عملية مرحبا 2025.
وأثار الاجراء الاسباني، الذي يقضي بفرض غرامة مالية تصل الى 500 يورو على كل سائق يحمل رخصة مغربية ويعبر من سبتة المحتلة نحو باقي التراب الاسباني، موجة استياء واسعة لدى الجالية المغربية المقيمة بالخارج، واعتبرته جمعيات مدنية قرارا مجحفا يتنافى مع مبدأ المعاملة بالمثل ويكرس الطابع الاستثنائي الذي يميز وضعية هذا المعبر الخارج عن السيادة الوطنية.
وفي المقابل، يكرس ميناء طنجة المتوسط موقعه الريادي باعتباره البوابة الرئيسية للمغرب نحو أوروبا، بفضل جاهزيته التقنية والتنظيمية، وقدرته على استيعاب أعداد متزايدة من المسافرين، ضمن منظومة سيادية متكاملة تجمع بين نجاعة التدبير واحترام كرامة العابرين.
ويأتي هذا التفوق ثمرة استثمارات استراتيجية واختيارات مؤسساتية أرستها المملكة لتعزيز سيادتها على معابرها البحرية وربطها بالخارج وفق منظور مستقل ومتوازن.
وتشهد عملية “مرحبا” لهذه السنة انخراطا واسعا لشركات نقل بحرية كبرى، في مقدمتها “باليريا”، التي أعلنت عن تشغيل ما يصل الى 22 رحلة يومية، مما يعكس الثقة المتنامية في ميناء طنجة المتوسط كمرفق مهيكل يستجيب لمتطلبات العبور الكثيف ويواكب دينامية الجالية المغربية في تنقلاتها الموسمية.
ويرى مراقبون ان القرار الاسباني، بصرف النظر عن خلفيته التقنية، سيعزز منطق فك الارتباط التدريجي مع معابر لا تزال ترزح تحت واقع استعماري متجاوز، مقابل تثبيت خيار العبور عبر موانئ مغربية خالصة، تضمن السيادة الكاملة للمؤسسات الوطنية على تدبير حركة تنقل المواطنين داخل وخارج التراب الوطني.
وتطالب جمعيات الجالية بإعادة النظر في هذا القرار الاسباني، او إخضاعه لمسار تفاوضي ثنائي يحترم خصوصية العلاقة المغربية الاسبانية ويكفل حقوق المواطنين المغاربة دون المساس بسيادتهم الفردية أو تحميلهم تبعات قانونية مجحفة نتيجة اختلاف المرجعية الإدارية.
في الأثناء، يواصل ميناء طنجة المتوسط تعزيز تموقعه كمرفق سيادي متكامل، لا يكتفي بالاستجابة للضغط الموسمي، بل يؤسس لنموذج متقدم في الربط البحري، يعكس إرادة المغرب في التحكم الكامل بمسارات عبوره ومراكزه الحدودية، بعيدا عن الممارسات الاستفزازية أو الإجراءات الأحادية.