أصدرت المحكمة التجارية في طنجة حكما يلزم أبرشية المدينة بدفع تعويض قدره 60 ألف يورو لشركة إسبانية تعمل على بناء مدرسة خاصة، في إطار نزاع قانوني معقد حول مشروع تعليمي يعتبر الأول من نوعه في المغرب.
المدرسة، التي ستحمل اسم “قصر الحمراء”، كانت تهدف إلى أن تصبح أول مؤسسة تعليمية خاصة بتمويل إسباني في المغرب، ومن المقرر أن تكون المدرسة مركزًا تعليميا للأطفال والطلاب المغاربة، حيث سيتعلمون اللغات الإسبانية والفرنسية والعربية.
وقد تم توقيع عقد أولي بين الأبرشية والشركة في شتنبر 2023 للبدء في بناء المدرسة على قطعة أرض تابعة للكنيسة تقع بالقرب من كاتدرائية طنجة.
لكن الخلاف بدأ في يونيو 2024، عندما تقدمت الأبرشية، التي يشرف عليها الأسقف الفرنسيسكاني إميليو روشا، بطلب إلى المحكمة لإلغاء العقد المبرم مع الشركة، معتبرة أن هناك “مخالفات” في إجراءات التعاقد.
ويُذكر أن الأبرشية كان قد وافقت في البداية على المشروع، إلا أن التغيرات في القيادة داخل الكنيسة ساهمت في تصعيد الأزمة.
ويقود رجل الأعمال الإسباني رافائيل غونزاليس سيبالوس، الذي ينحدر من طنجة، الشركة المشرفة على بناء المدرسة.
في حكمها، أمرت المحكمة الأبرشية برفع عقد البناء إلى مستوى التوثيق القانوني، وأكدت أن الأبرشية ملزمة بدفع تعويض مبدئي قدره 60 ألف يورو للشركة، على أن يتم تحديد مبلغ أكبر بعد إجراء دراسة لتقييم الأضرار.
وبالإضافة إلى الدعوى المدنية، تقدمت الشركة أيضًا بشكوى جنائية ضد الأبرشية بتهمة الاحتيال، بعد أن اعتبرت أن محاولات فسخ العقد تمت بشكل غير قانوني ودون مراعاة للاتفاقات الموقعة.
في نفس السياق، نقلت الصحيفة الإسبانية “لاراثون” عن مصادر مطلعة على القضية أن “الأبرشية قد تواجه عواقب مالية كبيرة إذا استمرت في المضي قدماً في القضية أمام المحاكم”، مشيرة إلى أن مواقف الأسقف تسببت في حالة من الارتباك بعد التغيرات التي طرأت على الهيكل القيادي داخل الأبرشية.
وأضافت المصادر أن شخصية مقربة من الأسقف، تُدعى سيلفيا بياتريس دالو، قد لعبت دورًا محوريا في إقناعه بالتراجع عن موقفه الأول، مما أثار جدلاً داخليًا حول الطريقة التي تم بها اتخاذ القرارات المتعلقة بالمشروع.
وعلى الرغم من الحكم الصادر ضدها، أكدت الأبرشية نيتها في استئناف القرار، وفقا لما أفادت به الصحيفة.
وفي وقت لاحق من غشت 2024، أصدرت الأبرشية بيانا رسمياً ترفض فيه التقارير الإعلامية التي اتهمتها بمخالفات في إدارة المشروع، واعتبرت المعلومات المتداولة “غير دقيقة”.
وربطت الصحيفة أيضا النزاع التجاري بتزايد الطلب على التعليم باللغة الإسبانية في المغرب، حيث تواجه العديد من الأسر صعوبة في تأمين أماكن لأطفالها في المدارس الإسبانية القائمة في البلاد، وخاصة في طنجة.
وأضافت أن المشروع يهدف إلى تلبية هذه الحاجة المتزايدة وتوسيع الخيارات التعليمية للأسر التي تبحث عن تعليم دولي باللغة الإسبانية.
المصادر أكدت أيضا أن النزاع القضائي يسلط الضوء على التحديات القانونية التي تواجه المشاريع الخاصة في المغرب، خاصة عندما تتداخل القضايا التجارية مع القضايا الدينية والروحية.