تحولت الدراجات النارية بشوارع مدينة طنجة إلى أدوات للفوضى والعربدة، يقودها مراهقون بتحدٍ سافر لقوانين السير والجولان.
في أكثر من شارع رئيسي بالمدينة، لا تخطئ العين مشاهد الاستعراضات الخطيرة التي أصبحت جزءاً من المشهد اليومي، وسط استياء متزايد من السكان الذين يعيشون على وقع ضجيج المحركات وصيحات سائقيها.
بأحد المدارات الحيوية، يستعرض أحد المراهقين مهاراته على دراجة “سانيا” النارية. حركات متكررة، أصوات فرامل عالية، وانزلاقات مقصودة، كل ذلك يجري دون اكتراث لسيارات تحاول العبور أو مشاة يهرعون إلى الأرصفة خشية الاصطدام.
يقول أحد المارة، وهو يراقب الموقف من بعيد: “هذا الأمر خرج عن السيطرة. أصبحنا نعيش وسط حلبة سباق.”
بعض هؤلاء المراهقين لا يملكون حتى بطاقة هوية ولا رخصة قيادة، لكنهم يحصلون على الدراجات النارية عبر محلات كراء متساهلة، تغض الطرف عن أعمارهم. غالباً ما يتم استئجار الدراجة باسم شخص بالغ، ثم يتناوب عليها عدة قاصرين.
ولا يقتصر الأمر على استخدام هذه الدراجات في التنقل أو اللعب، بل تتحول إلى أدوات استعراض تنطوي على مخاطر لا يمكن التنبؤ بها.
في أحياء هامشية، تتفاقم الفوضى مع غياب شبه كامل للرقابة. يقول أحد السكان: “في المساء، تصبح الأزقة مليئة بدراجات نارية مسرعة. لا أحد يحترم القوانين، والسلطات تبدو غير قادرة على مجاراة الوضع.”
وتحاول سلطات الأمن من جانبها التعامل مع هذه الظاهرة عبر حملات مكثفة، تستهدف حجز الدراجات المخالفة ومطاردة سائقيها. لكن هذه التدخلات، وإن كانت متكررة، تبدو غير كافية.
ويوضح مصدر امني ان “التصدي للظاهرة يحتاج إلى مقاربة شاملة تشمل تعزيز التشريعات الخاصة بكراء الدراجات، وتعاون الأسرة، وأصحاب المحلات.”
ومع كل ذلك، تبقى مسؤولية الأهالي عاملاً حاسماً في حل هذه المعضلة. كثير من الآباء يتجاهلون ممارسات أبنائهم، أو لا يتابعون كيفية قضاء أوقاتهم، ما يسهم في تعقيد الوضع.
في نهاية المطاف، يجد سكان المدينة أنفسهم بين مطرقة الفوضى اليومية وسندان الحاجة إلى تدخل حازم يعيد الشوارع إلى حالتها الطبيعية.