أصبح القرار الذي صادقت عليه الحكومة الإسبانية بنقل آلاف القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم من جزر الكناري ومدينة سبتة إلى باقي الأقاليم الإسبانية ساري المفعول، بعد نشره في الجريدة الرسمية، وسط جدل سياسي محتدم ومواقف متباينة بين الجهات المعنية.
ويهدف المرسوم الملكي، الذي تمت المصادقة عليه في البرلمان الإسباني بأغلبية نسبية، إلى تخفيف الضغط المتزايد عن جزر الكناري وسبتة، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى وجود أكثر من 4000 قاصر في الأرخبيل وحوالي 400 آخرين في المدينة المحتلة.
وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، لاسيما أن نسبة كبيرة من هؤلاء القاصرين من أصل مغربي، ما يضفي على القرار أبعادا جيوسياسية دقيقة.
وتعتزم مدريد توزيع القاصرين على الأقاليم الأخرى وفق معايير تعتمد عدد السكان، ونسبة البطالة، ومستوى الدخل الفردي، ومدى التزام كل إقليم سابقا في استقبال هذه الفئة. في المقابل، سيتم تخصيص دعم مالي إضافي للجهات التي تجاوزت حصصها المحددة.
لكن القرار لم يمر دون معارضة سياسية شرسة، إذ اعتبر حزب فوكس اليميني المتطرف أن المرسوم “يمثل مكافأة للهجرة غير النظامية”، متوعداً بالتصدي له عبر المجالس المحلية التي يتحكم فيها الحزب. أما الحزب الشعبي (PP)، وعلى الرغم من انقسام مواقفه بين قيادته المركزية وبعض أقاليمه، فقد عبّر في عدة مناسبات عن تحفظه تجاه القرار، مشيراً إلى أنه “يفرض على الأقاليم تحمل مسؤوليات لم تكن طرفاً فيها”.
وعبّرت عدة حكومات إقليمية، مثل جزر البليار وكانتابريا ومليلية، عن رفضها المشاركة في عملية الاستقبال، ملوّحةً باللجوء إلى المحكمة الدستورية، وواصفة القرار بـ”الأحادي” الذي يفتقر إلى التشاور الفعلي.
ويُنتظر أن يُعقد اجتماع قطاعي حول الطفولة يوم 28 أبريل لتحديد سبل تفعيل عمليات النقل، لكن تباين المعطيات المقدمة من طرف بعض الأقاليم، مثل مدريد وأراغون، يثير تساؤلات حول مدى فعالية الخطة على المدى القصير.
ورغم أن السلطات الإسبانية تؤكد أن الهدف من الإجراء هو “ضمان مصلحة القاصرين”، إلا أن التنفيذ الفعلي يظل مرهونا بتفاعل الجهات الإقليمية، في وقت يستمر فيه الملف في إثارة حساسية الرأي العام الإسباني، ويُستغل سياسياً من قبل أطراف تعارض بشدة مقاربة الحكومة في قضايا الهجرة.